خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 8 من ذي القعدة 1442هـ - الموافق 18 / 6 /2021م
الإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَزَّنَا بِالإِسْلَامِ وَأَكْرَمَنَا بِالإِيمَانِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَمَرَ بِالإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَنَهَى عَنِ الإِفْسَادِ وَالظُّلْمِ وَالبُهْتَانِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ إِلَى الإِنْسِ وَالجَانِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرًا مَا تَعَاقَبَ الجَدِيدانِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ -عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِطَاعَةِ اللهِ وَتَقْوَاهُ؛ فَإِنَّهُ مَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، ]وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ( [الطلاق:2-3].
أَيُّهَا الْـمُسْلِمُونَ:
إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ: حِفْظَ مَا يَجْلِبُ الْمَحَبَّةَ وَالتَّآلُفَ بَيْنَ الْبَشَرِيَّةِ، وَنَبْذَ أَسْبَابِ الْخِصَامِ وَالتَّنَاحُرِ بَيْنَ الْإِنْسَانِيَّةِ، عَلَى وَفْقِ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأُصُولِ الْمَرْعِيَّةِ، فَلَقَدْ حَرَصَتْ عَلَى تَرْسِيخِ دَعَائِمِ التَّكَاتُفِ وَالتَّعَاوُنِ وَصَلَاحِ الْقُلُوبِ وَالْأَعْمَالِ وَالنِّيَّاتِ، وَنَهَتْ عَنْ كُلِّ مَا يُسَبِّبُ التَّفَرُّقَ وَالتَّشَرْذُمَ وَمَا يُثِيرُ الْخِصَامَ وَالضَّغَائِنَ وَالْخِلَافَاتِ.
وَلِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الشَّرِيعَةِ فَضْلٌ عَظِيمٌ وَأَجْرٌ مَوْفُورٌ كَرِيمٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَلِّفُ بَيْنَ الْقَلُوبِ الْمُتَنَافِرَةِ، وَيُهَدِّئُ مِنْ غَلَيَانِ النُّفُوسِ الْمُتَنَاحِرَةِ، وَيُعِيدُ لِلْمُجْتَمَعِ تَمَاسُكَهُ وَوَحْدَتَهُ، وَيَحْفَظُ عَلَيْهِ إِلْفَهُ وَمَحَبَّتَهُ ؛ وَلِهَذَا عَدَّ الشَّرَعُ الْإِصْلَاحَ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ مِنَ الْأَنَامِ ؛ أَفَضْلَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالتَّطَوُّعِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ] لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا( [النساء:114]. وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: صَلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ» [أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ»]. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (مَا خُطْوَةٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خُطْوَةٍ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ).
مَعْشَرَ المُؤْمِنِينَ: إِنَّ الْحُقُوقَ ضَرْبَانِ: حَقُّ اللهِ تَعَالَى، وَحَقُّ عِبَادِهِ، فَحَقُّ اللهِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ، لَا مَدْخَلَ لِلصُّلْحِ فِيهِ كَالْحُدُودِ وَالزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَإِنَّمَا الصُّلْحُ فِي إقَامَتِهَا، لَا فِي إهْمَالِهَا ؛ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ الشَّفَاعَةُ فِي الْحُدُودِ. وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ ؛ فَهِي الَّتِي تَقْبَلُ الصُّلْحَ وَالْإِسْقَاطَ والمُعَاوَضَةَ، وَالصُّلْحُ الْعَادِلُ هُوَ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ] فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ( [الحجرات:9]، وَعَن عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ المُزَنِيِّ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، إِلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» [أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِّيُ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ].
وَقَدْ نَدَبَ اللهُ إِلَى الصُّلْحِ بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ فِي الدِّمَاءِ فَقَالِ سُبْحَانَهُ: ]وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا( [الحجرات:9]، وَنَدَبُ الزَّوْجَيْنِ إِلَى الصُّلْحِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي حُقُوقِهِمَا، فَقَالَ: ]وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ( [النساء:128]، وَأَصْلَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْن عَوْفٍ فِيمَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ ؛ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَلَمَّا تَنَازَعَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ فِي دَيْنٍ على ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، أَصْلَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا؛ بِأَنِ اسْتَوْضَعَ مِنْ دَيْنِ كَعْبٍ النِّصْفَ، وَأَمَرَ غَرِيمَهُ بِقَضَاءِ النِّصْفِ.
وَخَيْرٌ لِلْمُتَنَازِعِينَ أَنْ يَتَصَالَحُوا الْيَوْمَ وَيَتَصَافَحُوا، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ لِيَفْتَدُوا وَيَتَصَالَحُوا؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ» [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ]. أَقُولُ مَا قَدْ سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَلِيَّ العَظِيمَ، وَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قُدْوَةُ الصَّالِحِينَ المُصْلِحِينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ.
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ الْإِصْلَاحَ فِي الْأَرْضِ عَامَّةً وَبَيْنَ النَّاسِ خَاصَّةً لَهُوَ رِسَالَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَهُوَ دَأْبُ مَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ الْمُصْلِحِينَ، الَّذِينَ يُصْلِحُونَ ذَاتَ الْبَيْنِ إِذَا فَسَدَتْ بَيْنَ الْمُتَحَابِّينَ، ]فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( [الأنفال:1]، وَكَانَ لِزَامًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِذَا نَشِبَ خِلَافٌ أَوْ نَشَأَ نِزَاعٌ بَيْنَ طَرَفَينِ مِنْهُمْ- إِنْ بَيْنَ دَوْلَتَينِ أَوْ طَائِفَتَيْنِ، أَوْ جَمَاعَتَيْنِ أَوْ زَوْجَيْنِ أَوْ أَيِّ مُتَخَاصِمَينِ- أَنْ يَقُومُوا بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ وَيُعِيدُوا الْقُلُوبَ إِلَى أُلْفَتِهَا وَالنُّفُوسَ إِلَى مَوَدَّتِهَا؛ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الرَّابِطَةِ الْإِيمَانِيَّةِ، وَقِيَامًا بِوَاجِبِ الْأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَبِالْإِصْلَاحِ تَحُلُّ الصِّلَةُ مَحَلَّ الْقَطِيعَةِ، وَتَقُومُ الْمَحَبَّةُ مَقَامَ الْكَرَاهِيَةِ الشَّنِيعَةِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ]إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ( [الحجرات:10]. وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ» [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ].
وَهَكَذَا لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمَيْنِ مُتَخَاصِمَيْنِ أَنْ يُبْقَيَا عَلَى خُصُومَتِهِمَا بِلَا إِصْلَاحٍ، وَمَا دَامَا عَلَى حَالِ التَّقَاطُعِ وَالتَّنَازُعِ فَأَعْمَالَهُمَا مَوْقُوفَةٌ عَنِ الْمَغْفِرَةِ وَالْقَبُولِ، وَإِثْمُ هِجْرَانِهِمَا بَاقٍ عَلَيْهِمَا كَمَا أَخَبَـرَ بِذَلِكَ الرَّسُولُ؛ فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْاثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
وَلِكَيْ تُكَلَّلَ مَسَاعِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ بِالتَّوْفِيقِ وَالنَّجَاحِ؛ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ سُلُوكِ السُّبُلِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْآدَابِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِي الْإِصْلَاحِ؛ مِنِ ابْتِغَاءِ وَجْهِ اللهِ تَعَالَى، وَتَجَنُّبِ الْأَهْوَاءِ الشَّخْصِيَّةِ وَالْمَنَافِعِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَأَنْ يَسْلُكَ مَسْلَكُ النَّجْوَى وَالسِّرِّيَّةِ، بعيدًا عَنْ إفْشَاءِ الْأَسْرَارِ وَتَسَرُّبِ الْأَخْبَارِ.
فَإِنْ خَلَصَتْ نِيَّةُ الْمُصْلِحِينَ وَاسْتَرْشَدُوا بِالطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ، وَسَلِمَتْ طَوِيَّةُ الْمُتَنَازِعِينَ وَانْقَادُوا لِلْأَوَامِرِ الرَّبَّانِيَّةِ ؛ كَانَ التَّوْفِيقُ حَلِيفَهُمْ، وَسَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ رَفِيقَهُمْ، ] إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا( [النساء:35].
فَاللهَ اللهَ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ؛ لِتَحْيَا الْأُمَّةُ حَيَاةَ الْمَحَبَّةِ وَالتَّآلُفِ، وَتَنْأَى عَنْ أَسْبَابِ التَّخَاصُمِ وَالتَّخَالُفِ، وَتَتَجَنَّبَ سَخَط اللهِ وَعِقَابَهُ، وَتَنْجُوَ مِنْ عَذَابِ اللهِ وَتَقْطَعَ أَسْبَابَهُ، قَالَ تَعَالَى: ]وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ( [هود:117].
وَاحْرِصُوا – رَحِمَكُمُ اللهُ تَعَالَى- عَلَى الْأَخْذِ بِالنَّصَائِحِ وَالتَّوْصِيَاتِ الصِّحِّيَّةِ، وَالْتِزَامِ الْإِجْرَاءَاتِ الاحْترَازِيَّةِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، رَبَّنَا ارْفَعْ عَنَّا الْبَلَاءَ وَالْوَبَاءَ، وَالضَّرَّاءَ وَالْبَأْسَاءَ، وَأَدِمْ عَلَيْنَا النِّعَمَ، وَادْفَعْ عَنَّا النِّقَمَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا الصَّالِحَةَ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة